بقلم / سعيد الشربينى
منذ عهد بعيد واعتادت الحكومات المتعاقبة فى مصر على استخدام لعبة الدروس الخصوصية كا ورقة ضغط لتحويل انظار المجتمع عن اهم القضايا التى تمثل عبئآ حقيقيآ وضرورة ملحة للمواطن المصرى .
ففى الوقت الذى يعانى فيه صغار المعلمين من تدنى أجورهم التى لاترتقى الى سد الحد الادنى من مطلبات الحياة اليومية . هو نفس الوقت الذى يعانى اولياء الامور من جشع فئة محتكرة ومعروفة تغالى فى رفع قيمة الفيزيتا وبشكل مبالغ فيه .
وفى المقابل نجد صغار الاطباء داخل المستشفيات الحكومية تعانى هى الآخرى من تدنى رواتبهم التى لاتكفى متطلباتهم وسد حاجات اسرهم.
نجد على الجانب الآخر مغالاة صارخة فى قيمة كشوف كبار الأطباء سواء بالعيادات الخاصة أو الخارجية بالمستشفيات الاستثمارية.لتتراوح قيمة الكشف على المريض من 300 إلى 500 جنيه والحجز قبلها بعدة أشهر بخلاف ما يطلبه من تحاليل واشعات طبية بالإضافة إلى العلاج الذى سرعان ما يتغير عقب معرفة نتائج وتقارير التحاليل والاشعة وخاصة الأمراض الخطيرة والخبيثة , وهذا يعنى ان يكون المريض على الاقل مليونيرا
وهنا نتساءل هل من العدالة أن يحصل الطبيب الحديث على راتب شهرى اقل من قيمة كشف مريض واحد لطبيب كبير بعيادته لمجرد ان لديه الخبرة والشهرة والكفاءة ؟! وهل مهنة عريقة وانسانية كمهنة الطب تقدر بالمال ؟!وهل كل المرضى لديهم المقدرة المالية للانفاق على آلامهم عند كبار ملائكة الرحمة ؟! وهل هناك جدول بوزارة الصحة او بنقابة الاطباء ينظم قيمة فحص المريض بالعيادات الخاصة والمستشفيات الاستثمارية كل حسب شهاداته ودرجته العلمية ؟! وإن كان موجودا بالفعل .. فمن القائم على متابعة التنفيذ والرقابة ؟! وما عقوبة من لا يلتزم منهم ؟
فالمدارس والمستشفيات الحكومية التى هى من المفترض الملجأ الوحيد والملاز الآمن للمواطن الفقير والبسيط اصبحت مثل المقابر ومستشفى العباسية داخلها مفقود وخارجها مولود لا تجد فيها أى نوع من الرعاية والاهتمام الا ما رحم ربى .
فبعد ثورة الغضب التى قام بها الشعب المصرى فى يناير المنصرم وبعد وضع دستور جديد للبلاد يحمل فى ظاهره الحياة الملائيكية والعادلة والحثيثة للمواطن من حيث الاهتمام والرعاية الصحية السليمة . نجد فى باطنه مافيا وعصابات تخدم كل منهما الآخرى للأتجار بحياة المواطن الذى اصبح لايمثل فى نظر الحكومات ارقامآ تقام عليها التجارب والابحاث .
علمآ بأن مواد الدستور التى لم ولن تفعل حتى تاريخه ولن نعرف لماذا ؟ تنص على :- ( لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقآ لمعاير الجودة . وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفائتها وانتشارها الجغرافى العادل ) مادة (18).
فهل حقآ يجد المواطن المصرى الآن هذه الرعاية التى نصت عليها مواد الدستور داخل المستشفيات الحكومية أو مستشفيات المبرة والتآمين الصحى ؟ ومن هو المسئول والمستفيد من ذلك ؟ وهل الدستور المصرى الذى اتفق عليه الشعب اصبح مصيره الادراج كاسابقيه ؟ الايعد الاتجار بحياة المواطن سواء على المستوى التعليمى أو الصحى
جريمة يعاقب عليها القانون ؟ ولماذا لاتفكر الحكومة فى وضع اليآت لضبط قيمة الكشف وأن يخضع لوزارة الصحة رفقآ ورحمة بالمواطن الذى تطرد من نصوص الدستور ؟
لماذا لم تقوم الدولة وتقعد على الدروس الخصوصية وشنة حمله كاذبة واحاطت حولها الهالات من خلال وسائل اعلامها لتحول نظر المواطن بعيدآ كما ارادت دون شن هذه الحملة على تجار الارواح والمتلاعبين بصحة المواطن تاركة الفقراء والبسطاء فريسة لهؤلاء منزوعى الرحمة والانسانية والوطنية مما يطلقون على انفسهم ملائكة الرحمة ؟
نحن نحتاج الى تفعيل نصوص الدستور على ارض الواقع . ولا نحتاج الى قوانين تنبثق من قوانين دون تفعيلها . فالمواطن آمانة فى عنق الرعاة يسأل عنها أمام الله يوم لاينفع فيه مالآ ولا بنون ..فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .